الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أدب الكتاب ***
يكتب الإمام إلى ولي عهد المسلمين: "من عبد الله أبي فلان الإمام الراضي بالله أمير المؤمنين إلى فلان ابن فلان. سلام عليك، فإن أمير المؤمنين يحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ويسأله أن يصلي على محمد وآله"، ثم يكتب بما يراد، ثم يقال: "فاعلم ذلك من رأي أمير المؤمنين، وكتب فلان ابن فلان باسم الوزير وباسم أبيه يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا". ويكتب عن ولي العهد مثل ذلك، إلا أنه يجعل مكان أمير المؤمنين ولي عهد المسلمين. وكذلك كتب الإمام الديواني إلى الوزير. وأما مكاتبة الوزراء، أمراء الناحية الأجلاء، المساوين والمقارنين، فهي: "أطال الله بقاءك، وأدام عزك وكرامتك، وأتم نعمته عليك، وإحسانه إليك وعندك". وربما زيدت لفظة ونقصت لفظة ودون هذا قليلاً "أطال الله بقاءك وأعزك أكرمك وأتم نعمته عليك وإحسانه إليك". وأول من كتب: "أطل الله بقاء أمير المؤمنين وأدام عزه" سليمان بن وهب، وكان: "وأعزه". ودون هذا: "أدام الله عزك وأطال بقاءك وأدام كرامتك وأتم نعمته عليك وأدامها لك". ودون هذا: "كرمك اله وأبقاك وأتم نعمته عليك وأدامها لك". ودون ذلك هذا الدعاء بإسقاط: "وأدامها"، ودون ذلك: "حفظك الله وأبقاء وأمتع بك"، ودونها: "عافان الله وإياك من السوء برحمته". فأما مكاتبات الناس إلى الإمام أو إلى ولي العهد أو إلى الوزير، فيكتب: "لعبد الله فلان بن فلان، إلى كذا أمير المؤمنين، سلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فإني أحمد إلى أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو، وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم"، ويكون ذلك في سطرين وبعض آخر، ثم يقال: "أما بعد أطال الله بقاء أمير المؤمنين، وأدام عزه وتأييده وكرامته، وسعادته وحراسته، وأتم نعمته عليه، زاد في إحسانه إليه، بفضله عنده وجميل بلائه لديه، وجزيل قسمه له"، ويكون في سطرين. ثم يقال بعد ذلك: "فقد كان كذا"، لأن جواب" أما بعد" بالفاء فقد كان كذا وكذا. فإذا أتى على جميع المعاني المحتاج إلى المكاتبة فيها، فبلغ إلى الدعاء قال: "أتم الله على أمير المؤمنين نعمه وهناه كرامته، وألبسه عفوه وعافيته، وأمنه وسلامته، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. وكتب فلان ابن فلان يوم كذا في شهر كذا". وإلى ولي العهد والوزير مثل ذلك، إلا أن الفرق بين الإمام وبينهما أن يكتب إلى الإمام مع السلام "وبركاته" وفي آخر الكتابة مثل ذلك، ويحذف "وبركاته" إلى هذين في التصدير ويثبت في آخر الكتاب، وقد ذكرت لك فيما تقدم. ويكاتب الوزير أيضاً الإمام لغير تصدير، إذا لم تكن الكتب منشأة من الدواوين. ويكاتب الوزير في الحوائج لغير تصدير، وإذا كوتب أمير أو قاض: "أطال الله بقاء الأمير أو القاضي"، لم يقل: أما بعد ولا سلام على أحدهما. ومكاتبة النظراء تحتمل كل شيء على حسب المودة. قال محمد بن يحيى الصولي: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عتاب قال: حدثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي قال: حدثنا عبد الله بن يحيى، قال: أخبرنا نافع بن يزيد، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن ابن سليمان بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن جده، قال: "كنت أكتب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يملي علي، فإذا فرغت قال: اقرأه، فأقرؤه فإن كان فيه سقط أقامه". وقال بعض الكتاب: المح كتابك حين تكتبه *** واحرسه من وهم ومن سقط واعرضه مرتاباً لصحته *** ما أنت معصوم من الغلط وروي عن الأوزاعي أنه قال: العجم نور الكتاب، وإذا لم يعرض الكتاب، فمثله مثل رجل دخل الخلاء فلم يستنج. ما جاء في رد جواب الكتاب والحض على التكاتب قال الصولي: حدثنا أبو القاسم محول المستملي، قال: حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا حكام، قال: حدثنا عتبة عن العباس بن دريح عن الشعبي عن ابن عباس قال: أرى رد الجواب - جواب الكتاب - كرد السلام. أنشدني عبيد الله بن عبد الله بن طاهر لنفسه: حق التنائي بين أهل الهوى *** تكاتب يسخن عين النوى وفي التداني لا انقضى عمره *** تزاور يشفي غليل الجوى ونحوه لغيره: إذا الإخوان فاتهم التلاقي *** فلا صلة بأحسن من كتاب إذا جاء الكتاب إلى صديق *** فحق واجب رد الجواب ومن مليح ما قيل في التكاتب: هل تذكرين إلى التجاوز بيننا *** ثمر على الشجر الذي لم يغرس إذ سر قلبي في يديك ومثله *** لك في يدي من الفصيح الأخرس ومن مليح ما قيل في استبطاء الجواب، أبيات كتبت بها في صدر قصيدة لي سيدنا أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، وهو إذ ذاك أمير: ليس يأتي من الأمير كتاب *** ابتداء ولا يرد جواب فإذا ما شكوت ذاك وعاتب *** ت: أتاني على العتاب عتاب وأطاف الملام بي في الذي قل *** ت: ولم يأتني له إعتاب ولسان الذي يغيب كتاب *** ناطق عنه حين عز الخطاب فإذا أبطأ الجواب عليه *** فهو كالناطق الذي لا يجاب وكمن رده وقد عرفوا منه حضوراً تجهم وعتاب عذت بالأعذار إن كان ذنب *** دية الذنب عذرة ومتاب ولما خرج يحيى بن عمر من المدينة إلى الكوفة فأقام بها كتب إليه أخوه احمد بن عمرك أيا سيداً قد رماني البعا *** د منه بأمر فظيع عجاب فلما تمادى رماني الفرا *** ق وطالت بنا مدة الاغتراب أقمت الكتاب مقام اللسا *** ن مني فاسمع لقول الكتاب كأني أناجيك إن جاءني *** ورود البشير برد الجواب ويقال: أجاب عن الكتاب يجيب إجابة، وقالوا: جابة، وفي المثل: "أساء سمعاً فأساء جابة"، ثم استعمل في غير المثل، فقال الشاعر: أصم الصدى لم يدر ما جابة الرقى *** ولم يمس في ضحك الندى يتبلبل وقالوا: أحببته جيبة. وليست بجودة مما تقدم. حدثنا أشعث الضبي قال: كتب رجل إلى صديق له يستبطئ جوابه: "كتبت فما أجبت، وواصلت فما واترت، وأضبرت فما وحدت". قال: فكتب إليه صاحبه كتاباً عنونه فلما فتحه إذا فيه: الجفاء القبيح أحسن عندي *** من بغيض الخطاب للإخوان قال الصولي: قوله: واصلت كتبي: جعلت واحداً في أثر الآخر، لا زمان بينهما ولا تمكث. فما واترت: أي كتبت كتاباً بعد كتاب. وأكثر الكتاب يساوون بين واصلت الكتب وواترتها، وذلك جائز على القريب، فأما اللغة فإنها توجب أن المواصلة لا انقطاع بينها، وأن المواترة لابد من انقطاع قليل بينها. قال الأصمعي: يقال: ما في سيره ولا وتيره أي ما فيه توقف. وأنشد لامرئ القيس: نجاء مجد ليس فيه وتيرة *** وتذنبها عنه باسحم مذود وأنشد لكعب بن زهير يصف بعر الناقة: وسمر ظماء واترتهن بعدما *** مضت هجعة من آخر الليل ذبل وقال: قلت لزيد بن كثوة: ما السمر الظماء؟ فقال: البعرات، جعلني الله فداءك، ظمئت لعطشها وذبلت. قال: واترتهن تجيء الواحدة، ثم يكون انقطاع ما، ثم تجيء الأخرى، واضبرت وضبرت كتبت إضبارة كتب وجمعها أضابير. وكذلك إضمامة وجمعها أضاميم مثل أضبارة وجمعها أضابير. وقالت امرأة من قيس: وقالت امرأة قيس: ليس بنا فقر إلى التشكي *** إضمامة كحمر إلا بك أي لنا إبل مجتمعة أو خيل. وقال ابن الأحنف: كتاب أتاني على نأيها *** يخبر عن بعض أنبائها فنفسي الفداء لهذا الكتا *** ب إن كان خط بإملائها وقال: يا من جعلت فداه *** ومن براني هواه وكم قد كتبت كتاباً *** يبكي له من قراه أنا الفداء لمن خط *** ه ومن أملاه الشمس أحسن شيء *** رأيته حاشاه وقال أيضاً: أيا من لا يجيب إذا كتبنا *** ولا هو يبتدينا بالكتاب أما في حق حرمتنا لديكم *** وحق إخائنا رد الجوابوقال الأحنف: ما لي أهان ولا تجاب صحائفي؟ *** وإلى متى أقصى لديك وأحجب؟ ما كان ضرك إذ كرهت إجابتي *** بيديك أن تستوصفي من يكتب وقال أيضاً: أعياني الشادن الربيب *** أكتب أدعو فلا يجيب من أين أبغي دواء ما بي *** وإنما دائي الطبيب آخر: كتبت إلى ظلوم فلم تجبني *** وقالت: ما له عندي جواب فلما صرفت فكري أتاني *** وقد غفل الوشاة لها كتاب وفيه الوصل يشرق جانباه *** وقد رق التأول والخطاب كتبت إليك والرقباء حولي *** إذا ما مر طير واسترابوا قوله: وقد رق التأويل والخطاب من قول امرئ القيس: وصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا *** ورضت فذلت صعبة أي إذلال وأنشدني علي بن الصباح: يا ذا الذي ضن عني *** برقعة ومداد ضايقتني في بياض *** تزينه بسواد وقد أخذت سواد *** ي ناظري وفؤادي ومن مليح ما قيل في تأخير الكتاب: يا جامعاً شيم السيادة والذي *** ورث النجابة منجباً عن منجب أشكو إليك لهيب نار في الحشا *** تصبي بريح الشوق إن لم تجنب ماذا عليك وأنت بحر في الندى *** لوجدت من ماء المداد بمذنب تجلو القذى بسواد سطر لائح *** في وجهه غرر الكلام المذهب أصبحت تبخل بالكتاب فخفت أن *** تلقي الدواة يد وإن لم تكتب حتى كأن الحوض جونة حنة *** منها وظهر الدرج ظهر العقرب أرضى لخلك أن يرى مستعتباً *** من جفوة ويراك غير المعتب ما كنت أخشى أن تضن بكاغد *** عني وقد يقع الذي لم أحسب لا تحسبن كتبي فكاغد أرضكم *** عين الرخيص وأنت عين المسهب وحدثنا علي بن الصباح قال: حدثنا أبو محكم قال: كان عبد الرحمن بن مسلم الباهلي باراً بزياد بن عبد الرحمن القشيري صديقاً له، ثم غاب فلم يكتب إليه، ولم يجبه عن كتاب فقال زياد: إخاؤك محض للصديق إذا دنا *** وعاينت ممزوج إذا لم تعاين دنونا فاحمدنا الدنو وربتنا *** ببينك والتجريب عند التباين فلم يأتنا منك الكتاب تقرباً *** وطاح جواب واصل للقرائن فأجابه عبد الرحمن بن مسلم: ما ذاك من نخوة ولا صلف *** ولا لضيق في القول والعطن نحن بلوناك في الأمور فما *** تعرف من سيء ولا حسن وقد قرناك بالوفاء فما *** تقرن إلا اعترضت بالقرن قال أبو بكر من مشهور ما قيل في ذلك: حمار في الكتابة يدعيها *** كدعوى آل حرب من زياد فدع عنك الكتابة لست منها *** ولو غرقت ثوبك في المداد ولي من أبيات في بعض الكتاب: إن كانت الكتبة بالشوم *** ورقتي الأخطار واللوم فصغر الحلقة حتى ترى *** وأنت معلوم كمعدوم فأنت لا شك على ما أرى *** اكتب من في العرب والروم الدهر ذو ظلم ولكنه *** منك تشكي حال مظلوم يأنف أن تحيا ولكنه *** تحت قضاء فيك محتوم حدثني عبيد الله بن عبد الله قال: حدثني فضل البريدي قال: كان ولد محمد بن نصر بن بسام يقرؤون علي الشعر، وكذلك أولاد عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم، وكانوا أدباء، وكان محمد بن نصر وعبد الله منفردين من الأدب، فجلسا يوماً في مجلس فيه أولادهما، ومدت ستارة لم يسمع الناس بأحذق في الغناء ممن خلفها، وفي المجلس ما يكون مثله في مجالس الخلفاء وأزيد، فغنت صاحبة الستارة شعراً لجرير: ألا حي الديار بسعد إني *** أحب لحب فاطمة الديارا فقال عبد الله لمحمد ابن نصر: لو لا جهل الأعراب ما معنى السعد هاهنا. فقال محمد: لا تغفل فإنه يقوي معدهم ويصلح أسنانهم. قال: فقال لي علي بن محمد: يا أستاذ واصفع أيما شئت منهما واجعله أبي. وقال ابن بازان الأصبهاني يهجو رجلاً من كتاب أصبهان وقد مات ختن له: كاتب يبكي على ختنه *** دمعه جار على ذقنه يعلم القرطاس في يديه *** أنه قد شذ عن وطنه ليس يدري في كتابته *** ما قبيح الأمر من حسنه قال الصولي أنشدنا هذا الشعر لعبد الصمد بن المعدل. قد كره قوم من أهل العلم: "أطال الله بقاءك". وروى عن حماد بن زيد أنه قال: أحدثها الزنادقة. وقال الأصمعي: هي من دعاء الزنادقة. وقيل: أصل يبطل هذا ويطلق التكاتب بها إذا كان الناس كلهم الآن عليها. حدثنا إسحاق بن إبراهيم البزار، ومحمد بن سعيد الأصم قال: حدثنا علي بن حرب قال: حدثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن معمر بن أبي خبيبة، عن معاذ بن رفاعة بن نافع قال: شهدت نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم علي وطلحة وعمر وعثمان والزبير وسعد رضي الله عنهم يذكرون الموؤدة فقال عمر: أنتم أصحاب رسول الله تختلفون في هذا، فكيف بم بعدكم؟ هم أشد اختلافاً. فقال علي: إنها لا تكون موؤدة حتى يأتي عليها الحالات السبع. فقال عمر: صدقت أطال الله بقاءك. قال ابن لهيعة: المعنى لا تكون موؤدة حتى تكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم لحماً، ثم يظهر مستهلاً، إذا دفنت فقد وئدت، لأن من الناس من قال: إن المرأة إذا أحست بحمل فتداوت لتسقطه فأسقطته فقد وأدته. فأخبر أن ذلك لا يكون موؤدة، حتى يأتي عليها الحالات السبع. وقد ذكر الله عز وجل: الموؤدة فقال: "وإذا الموؤدة سئلت، بأي ذنب قتلت". وكانت العرب إذا ولد لأحدهم ابنة، دفنها حية. فيقال: وأدها يئدها وأداً.فدى صعصعة ابن ناجية المجاشعي خلقاً من البنات، بإبل دفعها إلى آبائهن لأنهم كانوا يفعلون ذلك للضر والفقر فقال الفرزدق يفخر بهذا: وجدي الذي منع الوائدا *** ت فأحيا الوئيد ولم يوأد حدثنا علي بن الصباح قال: حدثنا أبو مسلم السعدي قال: حدثني ابن علية، عن سوار بن عبد الله العنبيري، عن الحسن قال: دخل الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليل فقال: ما الذي بعدك جعلني الله فداؤك؟ فقال: "يا زبير أما تركت إعرابيتك بعد؟" كأنه كره قوله: جعلني الله فداؤك. والفداء يمد ويقصر. وقد روى رافع ب جريج أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وقد قال: "يكون قوم من أمتي يكفرون بالقرآن وهم لا يشعرون كما كفرت اليهود والنصارى". قال: قلت: جعلت فداك يا رسول الله وكيف ذاك؟ قال: "يقرون ببعض القرآن ويكفرون ببعضه". في حديث طويل، حدثنا إبراهيم بن عبد الله النميري. قال: حدثنا حجاج بن نصير قال: حدثنا حماد بن إبراهيم الكرماني، عن عطية، عن عطاء بن رافع، عن عمرو بن شعيب، قال: كنت عند سعيد بن المسيب فقال: سمعت رافع بن جريج يقول. وذكر حديثاً طويلاً. حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا عبد الله بن شيث قال: كتب إلي بعض إخواني من البصرة إلى المدينة كتاباً صدره: "أطال الله بقاك كما أطال جفاك، وجعلني فداءك إن كان في فداؤك" وتحت ذلك: كتبت ولو قدرت هوى وشوقاً *** إليك لكنت سطراً في الكتاب قال: وكانت الكتب قديماً يقال فيها: "وأتم نعمته عليك" فلما قال ابن الرقاع العاملي: صلى الإله على امرئ ودعته *** وأتم نعمته عليه وزادها وزاد الكتاب على ذلك: "وزاد في إحسانه إليك". وحدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: سمعت ابن الأعرابي يقول تقول العرب: "وهبني الله فداءك" بمعنى جعلني فداءك، فأما "وقدمني قبلك"، فإن أبا تذكوان القاسم بن إسماعيل حدثني قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: ما أظن قول الكتاب: "وقدمني قبلك" إلا مأخوذاً من قول الأغر بن كابس العبدي في أخيه الصقر: أخي أنت في دين وقربى كلاهما *** أسر بأن تبقى سليماً وأفخر إذا ما أتى يوم يفرق بيننا *** نموت فكن أنت الذي تتأخر قال: فقيل لإبراهيم: إن هذا يروى لحاتم. فقال: "وما على من لا يدري شيئاً في نسبته إلى غير قائله". وهذا وأشباهه كثير. وقد ذكرته مستوفى في كتابي كتاب "اللقاء والتسليم"، الذي كتبت به إلى القاضي عمر بن محمد بن يوسف. ومن قديم ما قيل في "قدمت قبلك": قول حنظلة بن عرادة، أنشدناه المغيرة بن محمد المهلبي، عن أبي محلم له يخاطب قومه: أسعد بن زيد أنطقتني رماحكم *** وكنت مجرا ضحكة للمواشر فهذا أوان الصبر قد مت قبلكم *** فموتوا حفاظاً بالسيوف البواتر
|